الرئيسية / أخبار النجوم / عاصم أبو عاصي .. السد الفلسطيني العالي

عاصم أبو عاصي .. السد الفلسطيني العالي

فايز نصّار- 7/2/2021- من أهم العوامل ، التي تساهم في نجاح حراس المرمى القدرة على التصرُّف الصحيح في المواقف الصعبة ، وخاصة في مواجهة انفراد المهاجمين ، وكسر خط التسلل ، مع القدرة على السيطرة على خط ظهر فريقه ، والقيام بدور المدافع في حالة عدم التمركز الجيّد للمدافعين، وحسن التعامل مع الكرات العرضيّة ، وتنظيم حائط الصدّ في الركلات الحرّة ، والحضور الذهني ، وردة الفعل الايجابية في مختلف المواقف ، وهدوء الأعصاب ، وحسن الرؤيا لتوجهات اللعب ، وتحفيز الزملاء .

  تلك لعمري كانت أهم ميزات السدّ العالي الفلسطيني عاصم أبو عاصي ، الذين يصنف مع أفضل من حرس المرمى في السنوات العشرين الأخيرة ، بما جعله يحقق الكثير من الإنجازات الكروية ، مع الفرق التي لعب لها في دفتي الوطن .

   وحلق أبو عماد مع نسور الجبل في النسخة الأولى لدوري المحترفين، مستفيداً من قوة التشكيلة المقدسية، ودعم الجماهير الساحورية، قبل أن تكون له تجربة مع الأمعري، ومع عدد من أندية المحافظات الجنوبية.

   وكانت لأبي عاصي تجربة ناجحة مع الفدائي، وشارك في عدة تجمعات، وخاض العديد من المباريات، ليطول عمره في الملاعب، حيث لعب حتى سن الـ39، قبل اعتزاله معشوقته مؤخراً .

   والحقّ يقال : إنّ الحارس الغزيّ الفذ ترك في ملاعبنا أفضل البصمات ، ونجح في وضع نفسه ضمن قائمة أفضل الحراس الفلسطينيين عبر التاريخ ، وتلك قصة أترككم تتعرفوا على تفاصيلها في هذا اللقاء .

-عاصم حسين عطا الله أبو عاصي “أبو عماد” من مواليد غزة يوم 22/7/1982، وقد اطلقت عليّ الجماهير لقب السد العالي.

– لعبت كرة القدم في شوارع وحارات غزه، وظهرت مع رفاق الطفولة في حي الصبرة بالرمال الجنوبي، ومن هناك ابتدأ المشوار، وعشت أسعد أجمل أوقات حياتي، عندما كنت أتنقل مع فريقي في الحارات، والساحات الشعبية في أغلب مناطق ، وشوارع غزه .

– وبسرعة تحول الحلم إلى حقيقة عندما التحقت بالفريق الأول لنادي غزه الرياضي، وأنا ما زلت في سن 15 سنة، وبالنظر لصغري كنت أتعرض لعقوبات من المدربين، بسبب اللعب في الساحات الشعبية، مما ساهم في توقفي عن اللعب في الحارات في وقت مبكر ، خوفاً من الإصابات.

– وبالنظر لحبي الكبير لكرة القدم كنت أستغل كل فرصه للعب الكرة في المدرسة، ولا أذكر أنني خسرت مع فريق مدرسة النصر الإسلامية أي بطولة من بطولات المدارس.

– وبحمد الله تألقت في الملاعب ، وظهرت مع أندية فلسطين، وغزه الرياضي، وجبل المكبر، والامعري، والشجاعية، والشاطئ … ولو عاد التاريخ نفسه، سألعب لجبل المكبر دون مقابل !

– وأذكر بالخير جميع  المدربين، الذين كان لهم فضل كبير عليّ، في كلّ مرحله من مراحل عمري، ففي بدايتي لا أنسى الكابتن العظيم ابراهيم ابو الشيخ، الذي كان وراء بدايتي كلاعب مع الفريق الأول بنادي غزه الرياضي،  ولا أنسى الكابتن علي بدران، الذي كان مسانداً لي في الفترات الصعبة.

– وخلال مسيرتي في الملاعب لعب أمامي الكثير من المدافعين البارزين، وبصراحة أفضلهم  النجم  رأفت عياد ، الذي توجت معه ببطولة المحترفين في المحافظات الشمالية، فيما  لم أكن أخشى مهاجماً معيناً، ولكن كنت عندما ألعب أمام مهاجمين معينين، أحاول أن أكون في ذروة التركيز، ومن هؤلاء سعيد السباخي، وسليمان العبيد،  ومراد عليان،  وزياد الكرد، ومحمد الجيش.

– مثلي الأعلى في الحياة والدي أطال الله في عمره، ومثلي الأعلى في الملاعب محمد أبو تريكة، فيما كان المصري عصام الحضري الحارس، الذي طالما تمنيت الوصول إلى مستواه.

– أجمل ذكريات في الملاعب كانت مع النسور، رغم أنني كنت متردداً جداً، وأشعر بالرهبة في بداية توقيعي مع النسور، إلا أن ذلك الشعور تغير بشكل كثيراً بعد أول تمرين، حيث احتضنني الجميع، وفي مقدمتهم رئيس النادي، وأعضاء مجلس الاداره، وخاصة العم ابو فادي السحايكه – هذا الرجل – الذي لم يبخل بأي شئ عليّ، أنا وزميلي عمار ابو سليسل… بصراحة وجدت نفسي بين أطيب وأكرم  الناس، ومهما تحدثت عن عنهم فلن أفيهم حقهم، فبينهم عرفت أن فلسطين كبيرة، وكبيرة جداً، وان كانت غالية ، فبمعرفتهم عرفت أن فلسطين ليس لها مثيل، ووطن عظيم !!

– وقد لعبت في الموسم الأول مع المدرب الحبيب خضر عبيد، وحصلنا على المركز الثالث، ثم جاء المدرب العظيم سمير عيسى، الذي خلق فينا ثقافه كروية جديدة، بما ساهم في تغيير الكثير من شخصيتي وتفكيري, وجعلنا مقاتلين وقادة، حيث كنا في تلك الفتره نتدرب بقوة ، وثقه كبيرة، وكان الجو رائعاّ، بوجود الكابتن سمير عيسى، ورجال الإدارة، الذين كانوا يتواجدون في كلّ تمرين، بما جعلنا نحس مبكراً أننا ذاهبون للحصول على اللقب، خاصة وأننا كنا نملك كل مقومات البطل، من جهاز فني ، وجهاز طبي على أعلى مستوى، بوجود الدكتور عادل نصار، ناهيك عن الجمهور الكبير، الذي  يستحق منا أن نقاتل بشراسه في كلّ مباراة .

– وأذكر ليله الحصول على اللقب، والتي حسمت مع الامعري، كانت كلمات الكابتن سمير عيسى تدوي في آذاننا بأننا الأبطال، ولا أنسى جمهور النسور العظيم، الذي كان يصرخ بقوه بأننا الزعيم، كانت ليله لن تنسى، بعد جهد كبير، وتتويج قدمنا به شيئاً من الدين لأهل المكبر العظام ، بتضحياتهم خارج وداخل  الملعب.

– وخلال مسيرتي عشت أجواء مباريات رائعة في المحافظات الشمالية، ومنها مباريات شباب الخليل ، التي كان لها مذاق خاص، بوجود أكبر قاعده جماهيريه في فلسطين، حيث كنت ألعب تلك المباريات بقوة وتكيز، من أجل سماع هتافات الجماهير، في كل صدة، وفي كل كره خطرة ، فيما مثلت مباريات النسور مع الهلال دربي العاصمة ، وبحمد الله لم أخسر أي مباراة لعبتها مع الهلال ، حيث كانت الأجواء حماسية قويه ،  وكان علينا أن نثبت بأنّ أبطال العاصمه هم النسور، وذلك في مواجهة  فريق عالمي مثل الهلال .

– أعتقد أنّ هناك فرق كبير بين اللعب في الضفة الغربية وقطاع غزة ، فالامكانيات كبيره في الضفة كبيرة،  وتوفر للاعب كلّ الاحتياجات ليشعر أنّه لاعب محترف بمعنى الكلمة، ويشمل الأمر الملاعب، والجمهور، والإمكانيات المالية، والدعم المتواصل من جميع فئات المجتمع، فيما عانت غزه من الحرمان الكبير في هذا الجانب، بغياب الامكانبات المادية،  وعدم توفر الدعم، وبصراحة ما زلت أتطلع لأن تعيش غزة ، ما عاشته الضفة الغربية ، من تطور كبير في كرة القدم.

– وبحمد الله أحتفظ بكثر من الذكريات الجميلة مع المنتخب الوطني، الذي تدرجت في جميع فئاته العمرية، وصولاً إلى المنتخب الأول، ولا أنسى هنا تصفيات كأس العالم سنة 2002، حيث عشنا أكثر من ثلاثة أشهر في معسكر خارجي متواصل ، بسبب صعوبه الدخول والخروج من معبر رفح، ويومها كنت مع ألمع نجوم المنتخب، بقياده الكابتن صائب جنديه، وبوجود لاعبين من ذهب، ممن شكلوا جيلاً قد لا يتكرر في تاريخ الكرة الفلسطينية، وللعلم فقد شاركت أيضا في تصفيات كأس العالم 2010 ، ولعل أجمل اللحظات كانت عندما يعزف النشيد الوطني في ملاعب العالم، بما كان يخلق في داخلي أحساساً غريباً، بأننا شعب يستحق الحياة !

– أرى أنّ هناك الكثير من الحراس المميزين، الذين ظهروا مع  منتخبنا الوطني، وكل مباريات منتخبنا الوطني شهدت تألق الحراس، لأن خطط منتخبنا غالباً ما كانت دففاعية، في مواجهة منتخبات تفوقنا عدة وعديدا.

– من أهم إنجازاتي الكروية مشاركتي مع المنتخب الوطني في تصفيات كأس العالم 2002، وفي تصفيات كأس العالم 2010، وحصولي على لقب أفضل حارس مرمى في الدوري بغزه وعمرة 18 سنة فقط، والمشاركة مع نادي شباب جباليا، وحضور كأس العالم 1998 بفرنسا، ولعبي مباراة تدريبيه مع نجوم نادي ليون الفرنسي، والحصول على لقب الدوري مع جبل المكبر، والحصول على لقب أفضل حارس مرمى لموسمين متتاليين في الضفة الغربية، والحصول على بطل السوبر مع نادي الشجاعية، والمشاركة مع الشجاعية في نهائي كأس فلسطين، والحصول على مركز الوصيف مع نادي الشاطئ موسم 2019/2020، إضافة المشاركة الآسيوية مع نادي الامعري ، والصعود للدور الثاني ، وبفضل الله كان الي دور كبير في هذا الصعود !

– من وجهة نظري يحتاج الدوري الممتاز في غزه إلى الكثير، إذا أردنا تطوير اللعبة، آملاً الاستفادة من تجربة دوري المحرفين في الضفة الغربية، وتوفير الدعم المالي، وتطوير كل عناصر اللعبة، وأعتقد أنه لو تمّ ذلك فسننجح بسرعة .. أقصد لو تمّ توفير الإمكانيات، مثل التي تمّ توفيرها خلال العشر سنوات الأخيرة في الضفة، فبعد ثلاث سنوات على الأكثر سنصل إلى المستوى الموجود في الضفة الغربية، وبالمناسبة أقول لاتحاد الكرة : هنا في غزه، يوجد لاعبون ينتظرون الفرصة!

– حارسي الفلسطيني المفضل محمد شبير، والعربي المفضل عصام الحضري، والعالمي المفضل الألماني نوير، وأرى أنه يوجد لدينا الكثير من الحراس، القادرين على التألق، ولكن إن وجد الهدف، وتوفرت الامكانيات، وأهم شئ وجود الحلم المفقود، الذي فقد بفعل فاعل !

– وأرى أنّه يوجد لدينا كفاءات كثيره في مجال الإعلام الرياضي، وهؤلاء قادرون على المساهمة في تطوير الرياضة نحو الأفضل، بشرط أن تتوفر مساحة الحرية، وأن يتقبل الجميع النقد البناء، وكل التحية لإعلامينا المبدعين، وخاصة منهم من يعمل من تحت الركام !

– أرى أنّ الكابتن اياد دويمه حارس مرمى عملاق، وكنت من أكثر المعجبين به كحارس وقائد، أتمنى له التوفيق في مسيرته التدريبية، امّا توربيد الكره الفلسطينية اسماعيل العمور فهو ظاهره لن تتكرر في ملاعبنا ، متمنياً له التوفيق في التقادم ، وقد كنت دوماً أقول : أنت المستحيل يا  اسماعيل ! وبالمناسبة أتوجه  بتحية خاصة للكابتن العظيم حسن الشعار، الذي أفتخر بكوني تدربت معه، وكان بمثابة الأب الحنون، ربي يسعدك، ويعطيك الصحة، ويوفقك يا حبيب !

– أخيراً  أقول كلمة ربما تخرج من وجداني ، وتهز كلّ أركان جسدي، إنّها الكلمة الأخيرة في هذا اللقاء، ومضمونها : وداعاً يا أجمل ايام العمر، وداعا لكلّ المدربين الأبطال، وداعا للاعبينا المناضلين، وداعاً لجمهور الكرة الرائع، وأخص بالوداع جمهور النسور الأبطال، وداعا لكلّ  تلك الأصوات الهادرة، شجاعية الأبطال، وبحريه الصابرين، وداعاً جمهور العميد الأنيق .. شكراً لكم جميعاً، وها أنا اليوم أنهي مسيرتي كلاعب، وأنضم لقوافل الجماهير الفلسطينية، مشجعاً بكلّ وجداني منتخبنا الفدائي .. راض كل الرضا بما منحني الله إياه ، فلله الحمد والشكر ، ولك مني  كابتن أبو وئام  كلّ الاحترام والتقدير .

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *