الرئيسية / كرة قدم محلية / وفاة الإعلامي غازي غريب

وفاة الإعلامي غازي غريب

غزة/(فيس كووورة) 13/10/2020- توفي فجر اليوم الإعلام الرياضي الكبير غازي غريب بعد صراع مع مرض السرطان.

وإذ نتقدم في موقع (فيس كووورة) أحر التعازي إلى الأسرة الإعلامية الرياضية ولعائلته وأسرته، متمنين له الرحمة والمغفرة ولأسرته الصبر والسلوان.

وهذا نص آخر مقابلة أجريت مع الإعلامي الراحل غازي غريب من الزميل فايز نصار:

المخضرم / غازي غريب :أنا سليل المدرسة الإعلامية المصرية !

الخليل/ فايز نصار- 7/10/2020 – أعتز كثيراً بصديقي الإعلامي المهذب غازي غريب ، أحد الرواد الذين كتبوا بالقلم السيال حروف الإعلام الرياضي الاولى منذ أكثر من أربعين سنة .

وشق أبو كامل طريقه الشاق في ظروف صعبة جداً ، وجرى وراء الجلد المنفوخ على حساب عمله ، وخبز عياله ، ومصالحه الشخصية ، وبنى لنفسه مجداً إعلامياً غبر مسبوق ، مساهماً مع ثلة من الإعلاميين المعتقين في وضع أسس الإعلام الرياضي الفلسطيني ، في مرحلة ما قبل التلكس والفاكس .

وتعددت أنشطة الأستاذ غازي غريب الرياضية ، فأخذه حب الزعيم إلى المشاركة في تسييره من عدة مواقع ، وجره عشق قلعة مصر الحمراء لمواقف اندفاعية ، أرضت عنه قوماً ، وأغضبت منه آخرين .. والثابت أنّ أبا كامل من الذين يدخلون القلب دون استئذان ، بطيبة فلسطينية تقترب من بداوة الناس على حفاف سيناء ، ولكنّه صعب المراس إذا تعلق الأمر بزعيم غزة ، أو بموقف من نادي القرن .

ولا أدعي أنني على وفاق تام مع صديقي الغريب ، فرغم اتفاقي معه في كثير من الأمور ، إلا أنني اختلفت معه في أمور أخرى ، أولها يوم ساند الإعلامي أشرف محمود عندما انحاز عن الاجماع الإعلامي العربي ، وثانيها في توصيفه للنهوض الرياضي ، الذي يقوده اللواء أبو رامي ، ولكنّ الأيام وضحت الأمور لأبي كامل ، ليبقى الخلاف الاستراتيجي بيننا حول لغته الموغلة في البساطة ، والتي تستخدم في كثير من الأحايين لهجة غير فلسطينية ، كوني من المؤمنين بأنّ بداية الهوان للأمة  يكون في اللغة  .

أحترم كثيرا أخي الغازي ، وأتمنى أن ينعم المولى عليه بالشفاء من كلّ مرض ، تاركاً له الميكرفون ، ليحدثكم عن أهم محطاته في أجواء القلم والقدم .

– اسمي غازي كامل محمد غريب ” أبو كامل ” من مواليد رفح يوم 4/7 / 1951 ، حاصل على دبلوم المعلمين في الاجتماعيات من دار المعلمين برام الله 1971 سنة.

– بدأت مشواري مع الرياضة منذ كنت في التاسعة من عمري ، من خلال تشجيعي لمركز رعاية شباب رفح ، حيث كنت حريصا على حضور كل مبارياته في ملعب الجمهورية ( الملعب البلدي اليوم ) .. ومع بداية بث التلفزيون المصري سنة 1960 صرت أتابع مباريات الأهلي المصري ، من خلال الجهاز الوحيد وقتها ، في قهوة هديهد المعروفة في رفح .. وكنت أجلس على البلاط أمام الكراسي ، لأنّه ليس لدي ثمن المشروب ، وفي العام نفسه اشترك المرحوم والدي بجريدة الجمهورية المصرية ، التي كانت تصل بالقطار القادم من القاهرة عصر كلّ يوم ، وصرت أقتصد من مصروف المدرسة ، أنا وشقيقي محمد ، لشراء صحيفتي أخبار اليوم ، والأهرام ، ومجلة سمير ، ويعود الفضل في حبنا للقراءة إلى المرحوم والدي ، الذي كان قارئا نهما ، وكان يزودنا بالكتب ، وفي سنّ مبكرة قرأت معظم أمهات الكتب ، والروايات العالمية ، وما زال إدمان القراءة يصاحبني حتى اليوم ، رغم صعوبات مرضي .

– وبدأت ملامح موهبتي الصحفية من خلال صحيفة الحائط بالمدرسة ، وكنت مسؤولاً عن الإذاعة المدرسية الصباحية في المدرسة الإعدادية ، حيث سادت وقتها الثقافة القومية ربوع الوطن العربي ، انعكاساً لحالة الوعي في الستينيات ، يوم كانت مطابع القاهرة وبيروت تطبع وتوزع بأسعار في متناول الجميع .

– لم ألعب الكرة إلا مع أقراني في الحارة ، وفي المدرستين الابتدائية والإعدادية ، ولم ألعب لأي ناد ، وكان أخي محمد هو رفيق عمري في القراءة والرياضة .

– كنت متابعا جيدا للكرة الفلسطينية في غزة في أزهى عصورها ، سواء على صعيد الأندية أو المنتخبات ، والمشاركات في البطولات الودية والرسمية العربية والدولية ، وأزعم أنني مرجعية تاريخية لذلك العصر … وزد عليها متابعتي وتوثيقي للكرة في ضفتنا الأبية منذ العام 1969 ، حيث لم أكن مهتما بدراستي في دار المعلمين برام الله ، بقدر انشغالي في متابعة مباريات الكرة في القدس ، وأريحا ، ونابلس ، ورام الله،  وشجعني على ذلك أستاذي ومرشدي وموجهي الكابتن معمر بسيسو ، معلم الرياضة في المعهد ، واللاعب السابق في جمعية الشبان المسيحية بغزة ، وقد تشرفت بمعاصرة ومصادقة معظم أبناء ذاك الجيل ، وللأسف فقدت عبر السنين أهم أرشيف مصور .

– بدأت قصتي مع الإعلام الرياضي صيف سنة 1976 في صحيفة القدس ، بتوجيه من نادي شباب رفح ، وبتشجيع من محرر الصفحة الأستاذ سامي مكاوي ، وأذكر أنني بدأت مشواري بعمود أسبوعي بعنوان ( الحق يقال ) قبل بداية نشري للأخبار ، ويومها حظيت بتشجيع الاستاذ المؤسس ، المرحوم محمود أبو الزلف ، فصرت أرسل الأخبار والتقارير المحلية ، وكانت تنشر في الصفحة الثالثة ، كما قمت بتغطية الكثير من الأحداث المحلية ، السياسية والاقتصادية في القطاع ، وأهمها أحداث إعادة ترسيم الحدود الفلسطينية المصرية في رفح ، التي استمرت على مدى عام كامل .

– ومن أهم محطاتي مع الإعلام  مشاركتي في تأسيس مجلة رياضية ، مع الزملاء عطا الله النجار ، وسميح أبو زاكية ، ومنذر داوود ، وكانت أول مجلة رياضية فلسطينية متخصصة ، بعنوان ( كل شيء رياضي ) وصدرت من الخليل ، وهي التي أشرفت على تنظيم أول مباريات منتخبي نجوم الضفة وغزة ، على ملعبي  اليرموك والمطران سنة 1984 ، تحت ظلال رابطة الأندية الرياضية في الضفة وغزة، ورئيسيهما المرحومين ماجد أسعد ، ونصر غزال .

– وفي محطة اخرى طلبتني صحيفة الشرق الأوسط اللندنية سنة 1981 ، لتغطية أحداث الحدود في رفح ، وبعد الخروج من بيروت سنة 1982 استدعاني سفيرنا في القاهرة  المرحوم زهدي القدرة ، عن طريق عضو قيادة الإقليم لفتح بالقاهرة أخي محمد، وكشف لي نية أبو عمار إعادة العلاقة المقطوعة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد ، وطلب مني أن تكون البداية بزيارات فرق رياضية من غزة للقاهرة ، مع تغطية كاملة من السفارة لكل تكاليف الزيارات ، فطرحت الموضوع على صديقي مدير الكرة في الأهلي عبد العزيز عبد الشافي ،الذي وافق على الطرح بعد استشارة الإدارة .. ولما عدت إلى رفح طرحت الموضوع أمام إدارة شباب رفح من خلال مهمتي كأمين لسر النادي ، وكوني الفتحاوي الوحيد الفائز في الانتخابات ، بين أعضاء مجلس الإدارة ، المنتمين للجبهة الشعبية ، فقوبل الطرح بالرفض الشديد ، لأنّ الجبهة الشعبية ترفض التطبيع مع من سموه نظام كامب ديفيد ، ولكن لاعبي الفريق وأعضاء الجهاز الفني تحمسوا للرحلة ، ولما بدأنا تجهيز متطلبات الرحلة صدر منشور عن الجبهة يرفض الزيارة ، وبعد كلام كثير فشلت أول زيارة تاريخية لشباب رفح في ضيافة الأهلي المصري .

– بعدها أصدرت مع الزميل فتحي أبو العلا مجلة الشروق الرياضي بغزة سنة 1986 ، ووزعت المجلة في غزة ، والضفة ، ومصر ، والأردن ، وتوقفت مع اندلاع الانتفاضة الأولى ، وكانت تطبع في مطابع جريدة القدس ، التي انتهى مشواري معها ، لأبدأ في تغطية أحداث الانتفاضة لمجلة البيادر السياسي ، وصحيفة (Minichi) اليابانية.

– وكانت أول مشاركاتي الخارجية سنة 1984 ، مرافقا لبعثة أهلي الخليل إلى عمان، ثم مشاركتي في اللجنة الإعلامية لبطولة الضفتين ( الوحدات ) الرابعة سنة 1986 ، ثم رئيسا لبعثة منتخب رفح في معسكره ومبارياته بنادي المقاولون العرب في نيسان 1994 .

– أعتز بأن ملهمي ومعلمي في الإعلام الرياضي هو ” أبو الإعلام الرياضي العربي ” نجيب المستكاوي ، الذي تلقيت منه أول دروس أسلوبي في الكتابة ، خلال أكثر من لقاء معه في عام 1978 ، أمّا مثلي الأعلى في الحياة فهو الخال محمود السعدني ، الذي ألهمني عنوان مقالي الثابت ( خليها على الله ) بعد مداومتي على كتابة العمود ( صوت الجماهير ) لعدة سنوات ، بعد  لقائي معه في مقهاه المفضل، قهوة بعرة في ميدان الجيزة عام 2003 .

– تشرفت بالحصول على العديد من الجوائز ، وأهمها تكريمي من جانب الاتحاد العربي للإعلام الرياضي ، الذي كان عنوانه تكريم الرواد ، وأعتز باختياري ضمن رواد الإعلام الرياضي العربي .

– أكثر من وسيلة إعلامية كنت أفضلها ، لوجود الزملاء المتميزين فيها ، خاصة أيام الصحافة الورقية ، وأعتز بمزاملة الزملاء جمال الحلو ، وسمير ابو جندي ، وسمير عزت غيث ، وابراهيم غيث ، وابراهيم ملحم ، وبدر مكي ، وفايز نصّار ، ومنذر داوود ، وراسم عبد الواحد ، ومحمد العباسي ، وتيسير جابر ، ومحمود السقا ، أمّا من الجيل الحالي فأرجو المعذرة .. المتميزون نادرون .

– بالنسبة للإعلاميين العرب يوجد قامات وهامات كثيرة ، وأعتز  بصداقتي مع سعيد غبريس ، ويوسف برجاوي ، والفلسطيني المرحوم ابن مخيم الشاطئ خليل ريان ، المفقود منذ حرب الخليج الأولى ، وكان رئيسا للقسم الرياضي في القبس الكويتية ، وكيف ننسى ابن قرية كفر عانة الوحداتي الكبير المرحوم سليم حمدان ، وكثير من الإعلاميين المصريين حيث أعتز بأنني من مدرسة الصحافة المصرية ، بأساطيرها المعروفين ، وآخرهم الاستاذ عصام عبد المنعم .

– ساهمت في تأسيس اتحاد الإعلام الرياضي ، وكنت عضواً في إدارته بين سنتي 1995 و 2000 ، وساهمت في تأسيس رابطة الصحفيين الرياضيين ، وترأست مجلس إدارتها حتى عام 2006 ، ثم عضو  إدارتها حتى عام 2010 ، وأعتز بأنني كنت صاحب التوقيع الأول على الوحدة بين الرابطتين في الضفة وغزة ، في اتفاق الاسكندرية 2002 ، وكنت نائبا لرئيسها تيسير جابر حتى 2007 ، وانتخبت عضوا في المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للإعلام الرياضي ، عندما حدث الانقسام بين القاهرة وعمان .

– من أفضل وسائل الإعلام التي كنت أتابعها ، الفرانس فوتبول الفرنسية ، والوطن الرياضي اللبنانية ، والأيام الفلسطينية .

– أرى أنّ التعليق الرياضي في فلسطين ما زال متواضعا ، وأتمنى أن يكون للمعلق شخصيته الخاصة به ، دون تقليد المعلقين العرب ، فيما التحليل الرياضي ما زال في مرحلته الابتدائية ، لأنه لا يركز على النواحي الفنية والخططية .

– هناك فروق واسعة جداً بين عملنا الصحفي قبل 45 عاما ، وصحافة اليوم ، كنا نتعب في سبيل نشر الخبر ، ونجد صعوبة في نقل الصورة ، تخيل أن اختراع الفاكس ، ودخوله مجال عمل صحفنا 1986 كان يمثل بالنسبة لنا اختراع العصر ، فما بالكم اليوم بنقل الكلمة والصورة خلال ثواني ، أعتقد أنّ العالم تغير ، والصحافة صارت أسهل كثيرا ، وكل واحد ممكن يسمي نفسه صحفي ، ولكن صحافتنا فقدت أعمدة الكتابة ، التي ما زال يحافظ عليها الزميل محمود السقا ، وهي أرقى مكونات الصحافة.

– من وجهة نظري فإنّ الإعلاميين الواعدين قليلون في هذا الزمن ، وبصراحة أنا مقتنع بمسيرة ابني كامل ، ومعه مصطفى جبر ، وأنصح الإعلاميين الصاعدين بعدم الغرور ، وبأن لا يصفوا أنفسهم بأنهم صحفيون  ، لأنّهم سيظلون تلاميذ في الإعلام من المهد إلى اللحد ، وهذه حقيقة ما زالت ترافقني بعد 45 سنة صحافة .

– بالنسبة لي 70% من الصحافة موهبة ، و30% منها دراسة ، فالمستكاوي كان خريج كلية العلوم ، الكلية ممكن تعلمك كيف تصيغ الخبر ، ولكنها لا تعلمك موهبة الكتابة ، والتحليل ، والتعليق ، وأعتقد أنّ تحسين أداء وسيلة الإعلام مرتبط بتنمية قوتها البشرية فنيا وعمليا .

– برأيي الخاص معظم إعلامنا الرياضي غير محايد إلا من رحم ربي ، وأشهد أنّ جهودك أخي أبو وئام وسيلة ممتازة ، لتسجيل الأرشيف الرياضي الفلسطيني ، مشيراً إلى أنّ أداء المؤسسات الرسمية القائمة على الرياضة الفلسطينية اليوم أفضل من السابق ، بالنظر لإمكانياتها الكبيرة ، وانفتاحها على الرياضة العربية والقارية والدولية، عكس الانغلاق في زمن الاحتلال .

– المواقف الطريفة التي مررت بها في الملاعب كثيرة ، ويلزمها كتاب وليس لقاء ، ومنها يوم كنا في مطعم الأندلس بغزة ، على مأدبة عشاء أقامها رئيس بلدية غزة المرحوم عون الشوا ، تكريما لفريق الوحدات الذي كان يزور غزة 1999 ، وكنت جالسا مع زملائي على طاولة قريبة من طاولة الرئيس الراحل ابو عمار ، وأثناء العشاء أشار لي وكيل وزارة الشباب والرياضة ، الدكتور أحمد اليازجي ، الذي كان يجلس بجانب أبو عمار بأن ابو عمار يريد التحدث معي ، فوقفت خلف الراحل الكبير ،  الذي همس في أذني : ما اسم كابتن نادي الوحدات ، ونجم فريقه الأول ؟  فأجبته همسا ( ابراهيم سعدية ) ، وبعد الانتهاء من تناول الطعام ، إذا صوت أبو عمار يعلو : ( هوه سعدية فين ) ، فوقف ابراهيم سعدية مرتبكاً ، وخاطبه أبو عمار تعال عندي يا سعدية ، واستمر أبو عمار في كلامه مخاطبا فريق الوحدات : ” معلش أعذروني مش كتير بشوف ماتشات الوحدات لضيق وقتي ” ولكني وحداتي ولا أتذكر إلا ابراهيم سعدية ، ودعا لاعبي الوحدات لمصافحته والتصوير معه .

– اخيراً يقولون : عندما يصل الإنسان إلى مرحلة الكهولة ، فإن أحداث الماضي تسيطر على تفكيره ، وفي زمني هذا بالذات تغمرني الذكريات الطيبة ، لمنظومة رياضية في عموم الوطن ، كنت شاهداً على عصرها منذ نصف قرن من الزمان ، وأعتز بكل أخ وصديق عرفته من خلال مشواري الصحفي ، وأحتفظ له في ذاكرتي بالكثير من الحب والتقدير ، وأقول للجميع : سامحوني .. سامحوني .. سامحوني !

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *