الرئيسية / كرة قدم محلية / آخر فَقَدان

آخر فَقَدان

بالعربي الفصيح

بقلم خالد أبو زاهر

آخر فقدان

 

في بعض الأحيان يحتاج الإنسان أن يكتب بنفس الطريقة التي يتحدث بها وهي اللهجة العامية التي تُعد أقصر الطُرق لإيصال الرسائل، وفي معظم الأحيان يتوجب الكتابة بالعربية الفُصحى انطلاقاً من الجانب المهني لمهنة الصحافة، وإن كنت أتمنى أن أكتب بطريقة مخالفة لعنوان مقالي (بالعربي الفصيح) حيث تأثرت كثيراً بأصحاب هذا الأسلوب من الكُتّاب العرب، وموضوع اليوم أجبرني على الكتابة بالعامية.

طبعاً الكل بيعرف إنو اليوم مباراة ريال مدريد وبرشلونة في كأس ملك أسبانيا، والكل بيعرف إنو معظم البيوت والمحلات وحتى الشوارع عاملة حالة استنفار للحدث، وحسسونا إنو المباراة جزء من القضية الفلسطينية وإنو نتيجتها مرتبطة بنتيجة المفاوضات، أو إنو نتيجتها تؤثر على رفع الحصار عن غزة أو تخليه قارفنا وخانقنا.

مش غلط إنو انشجع الفرق الأجنبية والعربية لأنو مش صح نكون مفصولين عن العالم اللي بيحب الريال والبرشا في أسبانيا، والأهلي والزمالك في مصر، والهلال والاتحاد في السعودية، والترجي والإفريقي في تونس، وأنا واحد من الناس اللي بتحب أي مباراة كلاسيكو أو ديربي في العالم، وكنت زمان متعصب كتير وبحرد عن الأكل لما فريقي بينغلب، بس بيني وبينكم لقيت الشغلة مش موفية معي لأنو الأكل مهم في حياة الإنسان، وكمان لما صرت أسترجع ذكريات الشباب بلاقي حالي إني كنت "عبيط" لأنو نظرتي للرياضة كانت ضيقة ومحدودة.

وإذا سألت حالي وناس كتير زيّي، ليش احنا بناكل، الرد بديهي ومعروف إنو بناكل علشان نعيش، وعلشان صحتنا وعلشان وعلشان وعلشان، لكن ولا مرة سمعت جواب إنو بناكل علشان نستمتع مش علشان نملي المعدة.

وكمان الرياضة لازم تكون علشان المتعة لما بنلعبها ولما بنشجعها، لأنو إذا وصلنا لمرحلة المتعة في الرياضة راح نتخلص من كل إشي سلبي زي العنف والتعصب وغيره، وراح نلعب رياضة من غير شرطة ولا أمن ملاعب.

وقبل ما ييجي معاد المباراة علشان نستمتع فيها بدي أحكيلكم أكم قصة حقيقية عن بعض حالات التشجيع اللي يمكن نوصفها على كيفنا، بس أنا ما لقيت ألطف من وصف (آخر فَقَدان) مع احترامي لنفسي وللغة وللقراء، ولكن لما تلاقي إنو في ناس بتشجع الريال أو البرشا من باب الموضة، قال يعني على أساس إنو لو ما بيشجع واحد من الفريقين بيكون متخلف بعيد عن السامعين، زيّي أنا مثلاً فتحت حساب على (الفيس بوك) علشان الناس ما تحكي عني متخلف، والله وكيلكم ما بعمل إلا إضافات وبس، ويا حبيبي لما تيجي تحضر المباراة مع واحد من نوعية مشجعي الموضة اللي ما بيعرف في كرة القدم الألف من كوز الذرة، بتلاقيه مش عارف إلا اسم لاعب أو اتنين على الأكثر من أسماء لعيبة فريقه اللي بيشجعو وما بيعرف ينطق اسمو صح وكمان ما بيعرف إشي عن قوانين اللعبة وبييجي يناقشك ويسألك أسئلة إلها أول ما إلها آخر، وبيخليك تفكر تطلع من الغرفة وما تحضر المباراة.

لكن عارفين يا شاب المصيبة وين كمان، المصيبة في طريقة الاحتفال والتعبير عن الفرحة بفوز فريق على التاني، يا عيني علينا مواكب من السيارات بتروح وبتييجي في الشوارع في نص الليل بتزمر وبتهلل وأعلام مرفوعة وأعلام مرمية على الأرض، يعني بتحس حالك وكأنك في مدريد أو كتالونيا، ما حد بيراعي إنو في ناس نايميين وفي أولاد عليهم امتحانات، مع إنو مفروض بعد ما تنتهي المباراة كل واحد بيروح في حالو وبترجع الأمور لطبيعتها، وبنقول مبروك للفائز وهاردلك للخاسر، بس كيف عاد ما يعرفوا في أسبانيا إنا في غزة ما احتفلنا بفوز الريال أو البرشا؟

 

المصيبة إنو العدوى انتقلت للنسوان في البيوت، قال إيش يا أولاد محدش ينكد على أبوكم اليوم وخلينا نمشي اليوم على خير، وقال يا جارتي يا إم محمد، جوزك مين بيشجع، فبترد عليا والله منا عارفلو راس من رجلين، مرة بيقول برشلونة ومرة ريال، الله ينكب الكورة اللي خلت زلامنا وأولادنا ينصابو بالهبل.

بيني وبينكم كلامها مزبوط لأنو احنا مزودينها حبتين، يعني إحنا أسبان أكتر من الأسبانيين ومصاروة أكتر من المصريين، ولما تيجي تقلهم شو رايكم في الكورة المحلية الكل بيقلك بلا كلام فاضي، كورتنا ما فيها مُتعة.

يا رب تحفظ أولادنا وبناتنا من التقليد الأعمى للموضة، وتخفف عنا بلاوي الزمان .. والله يسترنا من اللي جاي

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …