الرئيسية / اللجنة الأولمبية / الشطرنج استثمار عبقري للأسرى في معتقلات الاحتلال

الشطرنج استثمار عبقري للأسرى في معتقلات الاحتلال

غزة/ نيللي المصري (فيس كوورة) 19/7/2021 – هناك انواع من الرياضات تعتمد على  قوة حاسة السمع، وغالبا هي رياضات لذوي الاعاقة البصرية ككرة الجرس للمكفوفين، فماذا لو كانت احدى هذه الرياضات يمارسها الاشخاص من غير ذوي الاعاقة البصرية  الذين لا يعانون من أي اعاقة؟ فماذا لو كانت لعبة الشطرنج التي تحتاج الى تركيز عال وصفاء ذهن.

رقعة شطرنج ممتدة على طول النافذة التي تفصل الغرفة بالغرفة المقابلة في احد معتقلات الاحتلال الاسرائيلي، يبدأ الاسير المحرر أيمن الفار مباراته مع احد زملائه في المعتقل دون ان يراه، مع تحريك اي عنصر يخبره بصوت عال عندما يبدأ بتحريك عناصر اللعبة،

الفار اعتقل عام 1990 وافرج عنه في صفقة شاليط 2011 ،شارك مؤخرا في بطولة الاندية للشطرنج التي اختتمت في القريب العاجل في المحافظات الجنوبية، جاءت مشاركته بعد سنوات طويلة من انقطاعه عن اللعبة رغم ممارسته لها في المعتقل بأصعب الظروف،وبحسب الاسير فان هذه المشاركة جعلت ذكرياته تطفو على السطح ويستذكر اصعب ظروف المعتقل في ممارسة اللعبة.

يقول وهو يصف المشهد: نافذة صغيرة تفصل غرفتين عن بعضها البعض، ومن تواجد باحدى الغرف الاثنتين لا يستطيع ان يرى من مقابلة في الغرفة، لكن اعتمدنا على الصوت العالي، كلانا على النافذة ولكن لا نرى بعضنا البعض، رغم صعوبتها الا انها كانت ممتعة.

 ويستذكر المحرر الفار ممارسة اللعبة داخل المعتقل اتسمت باجواء تنافسية  بين الفصائل، وكان يتم تسجيل اسماء اللاعبين وتقسيمهم الى مجموعات في المناسبات الوطنية والدينية ويتم تنظيم بطولات داخل القسم، وكان افضل توقيت بالنسبة لهم وقت الفورة لان مدتها كانت من ساعتين الى ثلاث ساعات، وكثيرا نحتاج الى اذن بالموافقة من قبل ادارة المعتقل، بحسب الفار.

سنوات طويلة في المعتقل، لم يتمكن الاسرى فيها من معرفة ما هو جديد للعبة، والاضافات او التعديلات التي يقوم بها الاتحاد الدولي ، لذلك وجد الفار صعوبة في هذه البطولة بعدم معرفته بالساعة الخاصة بالبطولة، والتسجيل وامور اخرى ، يضيف: الان يوجد تسجيل واضح ونظام وضوابط وقوانين يلتزم بها اللاعبين بعد معرفتهم بها، والتكنولوجيا ساعدت على ذلك، لكننا في المعتقل خلف جدران مغلقة وانقطاع التواصل الخارجي حد من معرفتنا بالجديد.

ويكمل:ظروف الاعتقال صعبة للغاية، لكن الشطرنج كان له الاثر الايجابي على شخصية المعتقل ونفسيته وتفكيره، بل هو تحدي كبير، اللعبة كانت تقتصر على شباب معينين، اتقنوا اللعبة ويتميزون بصفات معينة.

“من يلعب الشطرنج يستطيع ان يحل اي مشكلة” بهذه العبارة بدأ حديثه الاسير المحرر عبد الكريم الحملاوي الذي اعتقل قبل الانتفاضة الاولى من 1986-1989 واعتقل مرة آخرى  عام 1990وافرج عنه عام1992،

وأوضح مستذكرا ممارسته للشطرنج خلال وجوده في المعتقل: الشطرنج كان من اولويات اي تنظيم، الذي كان يحرص على تعليم ابناءه اللعبة، مع امكانية دخول رقع الشطرنج من خلال الصليب الاحمر، نظرا لان اللعبة تعتمد على العصف الذهني والتفكير العميق وتخلق الابداع في التفكير،

 بنظرة شاردة وعميقة صوب احدى طاولات الشطرنج خلال البطلولة التي كانت منعقدة وبدا وكأن مشهد ممارسة الشطرنج في المعتقل امامه، سرعان ماعاد الى اجواء البطولة ويكمل :كنا نقوم باعداد مسابقات بين الفصائل، والمنافسة رائعة وتصفيات كانت جميلة تحمل في طياتها الصبر والجلد، خاصة في شهر رمضان المبارك، وكنا لا نفوت اي مناسبة وطنية او دينية والاعياد لنجهز لبطولات ونشارك فيها.

ومن المعتقل الى خارجه، يتابع: تحديداَ عام 1994 مع عودة السلطة الفلسطينية الى قطاع غزة كنت انا وزملائي من أوائل المؤسسين لاتحاد الشطرنج، و أول من بادر بفكرة تفعيل اللعبة في الاندية وتجهيز بطولات النوادي وحث الاندية على المشاركة، قمنا بتوفير الساعات الخاصة باللعبة ورقع الشطرنج، واحضرنا كتب حول الشطرنج من مصر لتعلم اللعبة بشكل صحيح، واصبح للاسرى والمحررين بصمة في اللعبة، وهناك ابطال مميزين ابدعوا في الشطرنج على سبيل المثال: هشام عبد الرازق، سفيان ابو زايدة، سليم الزريعي ، د.معاذ الحلبي، ايمن الفار.

أما الاسير المحرر حبيب هنا(67عام) المشارك في بطولة الاندية للشطرنج، و الممارس للعبة منذ خمسين عام والذي اعتقل عام 1970 وافرج عنه عام1982 يؤكد ان ظروف الاعتقال صعبة ولكن المعتقل لابد من التكيَف مع الوضع الراهن، والبحث عن هوايات اخرى يقوم بها لتخفف من وطأة المعتقل على نفسه قراءة، كتابة، وممارسات غير تقليدية ولو كنا خارج المعتقل لم يتوفر لنا هذه الامكانيات واستثمار للوقت بالشكل الجيد.

يوضح: في هذه الفترة التي اعتقلت بها لم يكن العدد كبير ممن يمارسون لعبة الشطرنج، رغم وجود اعداد كبيرة من الاسرة تمارس العاب رياضية اخرى،

ويشير الى ان التنافس بين الاسرى كان بشكل كبير، يحمل طابعا تحفيزي وحماس كبيرين، الا ان الاثر للعبة كان على المعتقل خلال الاعتقال وبعد الاعتقال كان ايجابيا، فاللعبة تحتاج الى قوة تركيز لانها تساعد في عملية التفكير الابداعي، وقد يكتشف الشخص مواهب وجوانب أخرى غير موجودة عند غيره، أو اشياء لم يكن يعرف انها موجودة في الشخص.

ويعتبر الاسير المحرر هنا من المؤسسين لاتحاد الشطرنج قبل عودة السلطة الفلسطينية الى غزة، يؤكد انه كان لديه حافز كبير لمواصلة العمل، وخلق مناخات سليمة للعبة، وانتشرت بفضل الخيرين والمحبيين للعبة.

ورغم مشاركاته العديدة في بطولات الاتحاد الفلسطيني للشطرنج الا انه قرر الاعتزال نظرا للتقدم بالسن وان اللعبة بحاجة الى تركيز عال ، ورغم كل هذا استطاع ان يشارك في بطولة الاندية للشطرنج2021.

ويرى حبيب هنا ان الجيل الجديد رائع مختلف عن الفترة التي عاشها،التطور والتكنولوجيا عامل مساعد لهم في تعلم وانتشار اللعبة والتواصل مع العالم الخارجي، وبامكانه حضور بطولات عبر الانترنت ومتابعة الابطال العالميين ويلعب معهم ايضا، وهذا يعمل على تطوير الشخصية.

شاهد أيضاً

هنية يعلن البدء بمشاريع رياضية بتكلفة 2 مليون دولار

غزة/ مؤمن الكحلوت (صحيفة فلسطين) 28/8/2023- علن عبد السلام هنية الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *