أبو بيض وعليوة يلعبان كرة القدم وألعابًا جماعية رغم بتر أقدامهم

غزة/ علاء شمالي (صحيفة فلسطين) 26/12/2019- كان محمد أبو بيض ومحمد عليوة وكلاهما يلعبان كرة القدم يحلُمان بأن يصبحا نجوماً في عالم الساحرة المستديرة، ويصلا لمرحلة يتمكنا فيها من الاحتراف في أحد الأندية العربية أو الأوروبية.

وشق الشابان طريقهما في أزقة حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وساهمت مهاراتهم المتقدمة بكرة القدم بالتحاقهم بأحد أندية غزة والدخول في التشكيلة الأساسية في سن مبكر على حساب نجوم لامعين بالفريق.

لكن أحلامهما بقيت بلا تحقيق بفعل الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة منذ 13 عاماً، وفقدان اللاعبان فرصة استمرارهما كلاعبين محترفين بعدما باغتهم صاروخ متفجر من طائرة إسرائيلية قضت على أحلامهما جميعها وتسبب ببتر القدم الأيسر لأبو بيض وهو في (21 عاماً)، والقدم الأيمين لعليوة وهو في عمر (19 عاماً) إبان الحرب الإسرائيلية الواسعة على القطاع في صيف العام 2014.

ورغم أن محمد أبو بيض كان يجلس أمام بيته الآمن حتى باغته صاروخ من طائرة إسرائيلية أدخله في غيبوبة تامة وتسبب ببتر قدمه دون أي ذنب، وما أن انتقل للعلاج في الدول المجاورة، حتى استهدف الاحتلال زميله في الملاعب محمد عليوة الذي ذهب لنفس مصير صديقه وأصبح بعكازين وقدم واحدة.

وتعاني كرة القدم في غزة بشكل دائم من محاربة الاحتلال الإسرائيلي لها على كل الأصعدة من تدمير منشآت وقتل لاعبين وتقييد حرية حركة اللاعبين بالأراضي الفلسطينية (قطاع غزة – الضفة الغربية) إلى أن وصل الحال بمنع إقامة مباراة نهائي كأس فلسطين المعتمد من الاتحادات القارية والدولية في موسم 2018-2019.

ورغم ذلك، يواصلون الفلسطينيون ممارسة الرياضات المختلفة وأبرزها كرة القدم التي تعد اللعبة الأكثر جماهرية في القطاع الساحلي المكتظ بالسكان. 

وقتلت إسرائيل (36) لاعب كرة قدم خلال عشر سنوات، فيما أصيب (199) رياضي بجراح مختلفة، وتعمدت (إسرائيل) تدمير ثلاثة ملاعب رئيسية في غزة بشكل كامل، بينما دمرت (13) نادياً بشكل جزئي، إضافة إلى تدمير مقر اللجنة الأولمبية الفلسطينية والاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فيما وصلت خسائر القطاع الرياضي لأكثر من (30) مليون دولار خلال السنوات العشر الأخيرة بحسب احصائية حديثة أصدرتها وزارة الشباب والرياضة في غزة.

كان أبو بيض أحد أبرز لاعبي خط الهجوم في نادي الدرج الرياضي، ومميزاً في مركزه الذي لفت إلية الأنظار في عدة أندية محلية للتعاقد معه، لكن صارخاً إسرائيلياً أجبره على استبدال قدمه بعكازين، فبعدما كان يساعد زملائه على تسجيل الأهداف في المرمى، بات الآن بحاجة لمن يساعده على الحركة.

حلم متواصل

يقول أبو بيض لصحيفة “فلسطين” وعيناه دامعتين: “منذ أن فقدت قدمي شعرت أن بيني وبين كرة القدم علاقة ارتباطية لا يمكن أن أتخلى عنها وبدأت بالتفكير بالاستمرار بممارستها لكن مع فئات ذوي الاحتياجات الخاصة”.

ومنذ ذاك الحين وبعد عودته إلى أرض غزة بعد رحلة علاجية في دول الجوار زادت طموحاته باستمرار حياته الرياضية فبدأ تدرجياً بممارسة لعبة “كرة الطائرة جلوس” الذي أبدع فيها وانضم لأحد الفرق وتوّج معها بعدة ألقاب محلية”.

ولم يقف أبو بيض عند هذا الحد وتمكن من الالتحاق بنادي “الجزيرة” الذي يهتم بفئات “ذوي الاحتياجات الخاصة” والتحق بفريق كرة السلة للكراسي المتحركة، ومارس هذه اللعبة بجدارة وقوة وعزيمة وإرادة لا تنكسر.

وبدأت لعبة كرة القدم للبتر تأخذ منحى تصاعدياً في التطوير والأداء وتنظيم البطولات باستمرار ما دفع بعض الفرق للمشاركة في بطولات دولية خاصة مع قدوم مدربين أوروبيين لغزة لتطوير هذه اللعبة ووضعها على الطريق الصحيح.

وبدت ملامح الحزن والحسرة جلية على ملامح أبو بيض وعليوة خلال حديثهم لصحيفة “فسلطين” أثناء مشاركتهم في دوري كرة القدم للبتر الذي أصبح يُنظم بصورة دورية في قطاع غزة.

ويقول عليوة: إن طموحه لن يقف عند هذا الحد ويحلم بتشكيل منتخبات وطنية لألعاب ذوي الاحتياجات الخاصة بعد أن وصل لمرحلة أتقن فيه الألعاب الجماعية الثلاثة وأصبح مميزاً فيها خاصة كرة القدم للبتر الذي استطاع تطوير مستواه تدريجياً حتى بات من أبرز اللاعبين فيها.

لحظة فرح

وفي حزيران/ يونيو عام 2018 أعلنت اللجنة الدولية للصليب الأحمر عن تشكيل فريق لكرة القدم “البتر”، حينها لم يتردد أبو بيض وعليوة في الالتحاق به، وأخضعا نفسهما لتدريبات مكثفة حتى باتت هذه اللعبة تضم حوالي (100) لاعب موزعين على محافظات غزة الخمسة.

ويؤمن أبو بيض وعليوة بأن الحكمة تكمن في قدرة الإنسان على فعل أي شيء يؤمن به ويعمل لأجله، وهذا ما يدفعهم إلى الاستمرار في تحديهم لواقع البتر دون أن يسمحوا لشعور النقص أن يتسلل لأنفسهم.

طاقة نفسية وبدنية

يقول الأمين العام للاتحاد الدولي لكرة القدم لذوي البتر الإيرلندي سيمون بيكر: إن اللاعبون في هذه الحالة يشعرون بطاقة نفسية وبدنية تعوضهم قليلاً عن أطرافهم التي فقدوها من أجسادهم”.

يؤكد بيكر من خلال انخراطه مع هذه الفئة وإشرافه تدريبياً على الشابين أبو بيض وعليوة أنهما الآن يشعرون بحيوية كبيرة بعدما اقتنعوا بالتجربة والتدريب أن الإعاقة نفسية أكثر من كونها جسدية بالظاهر.

وختم المدرب الإيرلندي قوله: إن “لاعبوا كرة القدم للبتر عززوا لديه نظرة متغيرة أن الناس في غزة لا تحتاج المعونة والشفقة بقدر ما يريدون النهوض على أقدامهم المبتورة بكل فخر”، مبينناً أنه لمس إيمان كبير لدى أبو بيض وعليوة بأن يفقد الإنسان قدماً أهون من أن يفقد أملاً.

شاهد أيضاً

الجمعية الفلسطينية لهواة الصيد تنظم يوماً ترفيهياً للفتيات

غزة /نيللي المصري (فيس كووورة) -2023/8/31- نظمت الجمعية الفلسطينية لهواة الصيد والرياضات البحرية يوماً ترفيهياً …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *