الرئيسية / الدوري الممتاز 2017-2018 / كيف أصبحت كرة القدم تحمل الوجوه الجميلة؟

كيف أصبحت كرة القدم تحمل الوجوه الجميلة؟

كيف أصبحت كرة القدم تحمل الوجوه الجميلة؟

غزة/ وائل الحلبي (صحيفة فلسطين) 23/3/2018 - تستطيع كرة القدم أن تجذب انتباه الملايين حول العالم لمتابعة نجومها في المستطيل الأخضر, لكنها تملك القدرة على صناعة التفاعل وتسليط الضوء على الكثير من المواقف الإنسانية, التي أصبحت ترتبط مع كرة القدم بعلاقة وطيدة في ظل ما تُحدثه تلك المواقف من ضجة كبيرة عندما تظهر داخل المستطيل الأخضر.

ربما تلك المشاهد التي انتشرت بالمئات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر موقع يوتيوب، لعشرات الأطفال من ذوي الإعاقة أو الذين يعانون أمراضًا خطيرة، والذين يتواجدون في الملاعب خلال المباريات الكبرى, تحمل الكثير من المعاني الإنسانية التي دوماً ما تؤثر بالإيجاب على الحالة النفسية والصحية أيضاً لهؤلاء الأشخاص.

الوجه الجميل لكرة القدم

تعودنا دوماً على أن تحمل لنا كرة القدم السرور في كثير من المناسبات, لكن لا يمكن لسرور الفوز أن يكون أجمل من سرور رجل عانى من مرض لعين وجد مَن في المستطيل الأخضر يقف لتحيته وتحفيزه على مواجهة هذا المرض والتغلب عليه, أو لفرحة طفل يعاني من إعاقة يلتقط صورة مع فريقه المحبب والمفضل.

الملاعب الأوروبية لم تكن وحدها صاحبة الرسائل الإنسانية, فقد كانت ملاعب كرة القدم في غزة مسرحًا لتلك المواقف والمشاهد الإنسانية الرائعة. ولعل صورة والد لاعب خدمات البريج أنس غريب خلال مباراة البريج وخدمات دير البلح أعادت للأذهان الكثير من المواقف الإنسانية التي كان لها أثر كبير على أولئك الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة لكلمة وموقف يساندانهم ويساعدانهم في مواجهة تحديات ندرك جميعا صعوبتها.

تعددت المشاهد

كرة القدم في غزة خلال السنوات الأخيرة حملت طابعًا تنافسيًا جعل كل كبير وصغير يتابع تفاصيلها, لكنها لم تكتفِ بهذا الحد، بل كانت سباقة لإظهار الوجه الإنساني الجميل للكرة من خلال مساندة الرياضيين وغير الرياضيين.

لم يكن الطفل عبد الرحمن محمود المزين أول من عانى من المرض الخبيث الذي تزامن مع وجود والده على رأس عمله كمدرب لخدمات رفح خلال موسم 2015/2016, لكنه كان نجمًا بلا منازع لكل مباريات خدمات رفح الذي توج باللقب في ذلك الموسم.

الطفل المزين كان يمثل إلهامًا للكثير من اللاعبين خلال تلك الفترة، خاصة أنه كان يطمح ليصبح لاعب كرة القدم اقتداء بوالده الذي كان لاعباً في صفوف الفريق. تلك المواقف جعلت من المزين الصغير أكثر قوة وصلابة في مواجهة المرض.

كرة القدم تهدف دوماً للمتعة, إلا أن هناك متعة أخرى، عندما يأتي ذلك اللاعب قاطعاً مسافة طويلة من الجري والهرولة ليحتضن مدربه السابق محتفلاً معه بالهدف الذي سجله في شباك الفريق المنافس, في الوقت الذي كان فيه المدرب الراحل نايف عبد الهادي في بداية مرضه اللعين, الفرحة الكبيرة للاحتفال بهدف محمد السطري مع مدربه السابق عبد الهادي جعلت كل من يتواجد حول هذا المشهد يذرف الدموع تأثراً.

نجوم الكرة لا ينتظرون أن يأتي من يحتاج إلى مساندتهم للمستطيل الأخضر كي يقفوا إلى جواره, لكنهم كانوا دائمًا المبادرين للذهاب إليهم أينما كانوا. والكثير من الأحداث التي شهدناها خلال الفترة الماضية والتي كان أبرزها زيارة العديد من الفرق لمستشفى الوفاء للمسنين, ومشاركتهم المناسبات والأعياد مثلما فعل نادي الصداقة بداية الموسم عندما شارك لاعبو الفريق بهجةَ عيد الأضحى المبارك نزلاءَ مستشفى الوفاء وقدموا لهم الهدايا, ليوجه نزلاء المستشفى رسالتهم شاكرين وممتنين لهؤلاء اللاعبين على ما قدموه من لفتة جعلت من عيدهم أجمل.

ملعب فلسطين كان شاشةَ عرض لحالة إنسانية لطفل صغير بريء أثقله المرض، ولكنه يعيش متمسكًا بالأمل.

الطفل يزن محمود أبو توهة، المصاب بمرض السرطان, دخل أرض الملعب مع فريقي الصداقة والشاطئ خلال لقاء الفريقين في الجولة الـ21 من دوري الدرجة الممتازة، والتقط الصور التذكارية مع الفريقين، قبل أن يشارك في إجراء قرعة المباراة، ومن بعدها تسديد ركلة البداية، وسط تصفيق حار من الجماهير المتواجدة في الملعب.

لحظات مميزة ورائعة عاشها الطفل يزن برفقة نجوم الفريقين، الذين كان لهم الأثر الكبير في التخفيف عنه ونزع الخوف الذي ينتاب قلبه الصغير.

الطفل أبو توهة الذي يُعاني من مرض "سرطان الدم"، سرعان مع استجاب لدعوة عمه محمد مهاجم فريق الصداقة، فارتدى قميص نادي الصداقة وقضى وقتاً ممتعاً، أعطى الجميع درساً مهماً، يتمثل في أن العزيمة والإصرار علاج مهم للتغلب على الأمراض، وأن المجتمع تقع عليه مسؤولية التخفيف عن أبنائه المرضى، وأن الرياضة كانت ولا زالت وستبقى ساحة للتنافس الشريف والمواقف الإنسانية.

الرياضة.. تلعب دورًا رئيسًا في العلاج

بدوره يرى الدكتور درداح الشاعر، أستاذ علم النفس الاجتماعي بجامعة الأقصى، أن ممارسة الرياضة الإيجابية أو السلبية بالنسبة للمرضى يكون لها دور مهم في التنفيس الانفعالي والشعور بالراحة النفسية التي تنتاب المرضى خلال ممارستهم الرياضة الإيجابية حسب إمكاناتهم، أو الرياضة السلبية التي تأتي عبر المشاهدة والملاحظة.

ويضيف الشاعر لـ"فلسطين"، أن الرياضة بالنسبة للمرضى تنقسم لنوعين؛ إيجابي: ويكون بالمشاركة بشكل فاعل، وممارسة اللعب مع الآخرين، والقيام بأدوار متعددة خلال اللعبة, وسلبي: ويكون بمشاهدة المريض لعبةً وحصوله على الدعم والتحية من اللاعبين، وكلا النوعين يقدمان فائدة كبيرة بالنسبة للمريض.

ويوضح الشاعر أن المريض يشعر برضا كبير وراحة نفسية مميزة عندما يجد نفسه يشارك في الألعاب الرياضية، خاصة وأن الرياضة تشكل متنفساً طبيعياً لحالة الخوف والقلق والمعاناة الدائمة من المرض.

ويبين الشاعر أن السلوك الرياضي مفيد للمريض، وسيكون بأفضل صورة عندما يرتدي المريض الزي الرياضي المشابه للاعبين ويحصل على فرصة ليكون القائد, حيث سيشعر بالثقة العالية خلال ممارسته للهواية الرياضية, لأنها تشكل مصدرًا من مصادر الرضا عند الإنسان الطبيعي، وهذا ما يكون مضاعفًا لدى الشخص الذي يعاني من المرض.

ويدعو الشاعر الهيئات الرياضية إلى اتباع أسلوب ممنهج في إشراك المرضى بالفعاليات والأنشطة الرياضية وخاصة كرة القدم حسب ما يتناسب مع إمكانيات المريض وقدرته, لأنها ستشعرهم بقدرتهم على الشراكة الاجتماعية والمتعة في المشاهدة بالنسبة لغير القادرين على اللعب والممارسة, بالإضافة لشعورهم بالتفاعل مع البيئة المجتمعية ويساعدهم في التخفيف النفسي من الاضطرابات المصاحبة للمرض العضوي وكل هذه الأمور يكون لها أثر كبير في عملية العلاج والتعافي من المرض.

الكرة ليست للمنافسة فقط

كرة القدم والرياضة بشكل عام لم تعودا كما عرفناهما سابقاً, فقد تغيرت المفاهيم مع مواكبة الرياضيين لتطورات التكنولوجيا, فأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي تمنح الكثير من الرياضيين فرصة ثمينة لتوجيه كلمات الدعم والمساندة للكثير من الأشخاص الذين هم بحاجة لتلك المساندة.

بكل تأكيد فإن من يمارس كرة القدم هم من البشر، ومهما تغيرت معطياتها, فإنها تبقى الداعمة للكثير من الأشياء التي تاهت في زحام الحياة التي نسيها الكثير أو تنساها البعض, إلا أنها اليوم تقف بكل فخر لتؤكد أنها كانت وستبقى الداعم الأكبر والرافد الأساس لكل من احتاجها.

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …