الرئيسية / أخبار النجوم / الحارس الشبح .. خليل بطاح

الحارس الشبح .. خليل بطاح

الخليل/فايز نصار- 20/4/2020- منذ تأسيسه سنة 1943 برز في صفوف شباب الخليل كثير من الحراس البارعين، الذين رسخوا أقدامهم في الفريق العريق، وساهموا معه في الحصول على الكثير من البطولات .. فمنذ محمد الغبن حتى أنس أبو سيف، حرس عرين الشباب كلّ من باسم حدادين، وفيصل الجعبري، وعبد العظيم أبو رجب، وزياد بركات، وأحمد النتشة، وسفيان الزعتري، وشادي القواسمي، ومحمد شبير، وغانم محاجنة … ولكن يبقى الحارس الشبح خليل بطاح علامة فارقة، طالما صفق له الجمهور من مختلف الأندية.

* ولأنه لا يوجد من يختلف على نجومية وبراعة التلحمي الطيب أبي أحمد ، رأيت ان أفتح معه صفحات من سجل الملاعب في السبعينات والثمانيات .

اسمي خليل أحمد يوسف بطاح ” أبو احمد ” من مواليد بيت لحم يوم 28/1/ 1952 وكنت ألقب بالحارس الطائر ، والحارس الشبح ، والحارس الأمين .

بدايتي مع حراسة المرمى كانت بالصدفة في الصف الثاني الإعدادي ، حيث شاهدني مدرس الرياضة الاستاذ استيلو أبو سليمه وأنا أقوم بحركات الجمباز أمام الطلاب ، وبسبب غياب الحارس الأساسي يوم مباراة فريق المدرسة مع فريق بيت جالا، والذي كان فريقا في عزّ تألقه  ، وبسبب علاقة الأستاذ  الطيبة مع مسؤولي الفريق  ، وافقوا على إقامة هذه المباراة على ملعب بيت جالا .

ولمّا اختارني الأستاذ للعب في هذه المباراة أحسست أني ملكت الدنيا كلها ، وأخذت أشجع كلّ الطلاب لحضورها متباهيا بنفسي ، وفي هذه المباراة هزمنا بنتيجة قاسية ، وصلت إلى تسعة أهداف دخلت مرماي ، وكنت المسؤول الوحيد عن هذه الأهداف رغم بساطتها ، حتى أن زملائي في الفريق سخطوا على المدرس ، لاختياره حارس لا يعرف شيء عن هذا المركز ، وبعد المباراة هربت من الجميع خجلا منهم ومن نفسي !

والغريب ، أنّه رغم ذلك أصر أستاذ الرياضة على اعتمادي كحارس مرمى للفريق ، في مباراة  أخرى ستقام على ملعب بيت ساحور ، بحضور مدير التربية والتعليم  ، مع فريق شركة البلاستيك في بيت ساحور ، ولخوفي من تكرار مأساة مباراة بيت جالا رفضت اللعب ، ويومها هددني المدرس بفصلي من المدرسة إن رفضت ذلك  ، وحينها بدأ يوجهني ويرشدني ، ويشرح لي كيف أتعامل وأتصرف كحارس المرمى .

في هذه المباراة تألقت بشكل غير طبيعي ، وكنت موضع إعجاب كلّ من حضر المباراة ، وعند التسليم على مدير التربية ، واستلام الميدالية ، كنت الوحيد الذي استوقفه مدير التربية ، وطلب مني وبشكل جدي أن افتح يداي ، وبصراحة خفت من الموقف وفتحت يداي ، وإذا به يقول لي : أنا فكرت في يديك مغناطيس ، وضرب على يداي بكل محبة  ، وقال لي : دير بالك على حالك يا ابني ، فسيكون لك مستقبل باهر ، ولكن إياك والغرور .

كان ذلك وعمري لم يتجاوز ١٦ سنه ، ومن هنا كانت انطلاقتي كحارس مرمى.

المدرب الذي له فضل عليّ ، مكتشفي الأستاذ استيلو ابو سليمه ، والمرحوم جورج قسيس ، والمرحوم اسماعيل ابو رجب .

– لعبت لأندية سريان بيت لحم ، وأرثوذكسي بيت جالا ، وشباب الخليل.

للأسف لم أشارك في أيّ منتخب ، حيث لم يكن هناك أي تشكيل لأي منتخب ، بسبب ظروف الاحتلال .

أفضل مدافع لعب أمامي خريستو الأعرج في بيت جالا  ، وخالد العويوي في شباب الخليل .

مثلي الأعلى ، في الملاعب المرحوم أمين زيت ، وعمر موسى وأبو حمدي العويوي  ، ورجب شاهين ، وحاتم صلاح ، وحسين حسونه .. أمّا خارج الملاعب فمثلي الأعلى والدي رحمه الله ، وأخي ورفيق دربي ، مفيد الحلو ابو عبدالله !

أحببت التدريب كثيرا ، وكنت أدرب بأسلوب علمي ، بعد قراءتي ومطالعتي لكثير من الكتب في أصول التدريب ، وكنت أعتمد على الناحية النفسية للاعبين ، قبل الحركات والتدريب .

فعلاً دربت كلاً من إسلامي بيت لحم ، وشباب الظاهرية ،و العربي بيت صفافا  ، وبتير وبعض المنتخبات .

كان تأهيلي من خلال الكتب ، ودراستها بعمق .

سرّ تفوقي مع بيت جالا وشباب الخليل هو حبي وعشقي للكره ، واهتمامي الشديد بحب الجمهور ، وتوكلي على الله بعد الاستعداد الكامل ، وتقييم نفسي بنفسي بعد كلّ مباراة ، والتواضع الكبير أثناء المباراة وبعدها ، وأخيراً حبي الشديد للجمهور الذي أحب خليل بطاح .

حقيقة لعبت لفرق جميع لاعبيها نجوم  ، وشعبيتهم كبيرة .. ولكن بصراحة كنت أرتاح من الناحية النفسية لوجود خريستو الأعرج في بيت جالا ، ولوجود حازم صلاح في شباب الخليل .

للعلم لم ألعب رسميا للإسلامي ، وكنت مدرباً له خلال عصره الذهبي ، وكنت تلقيت عروضا من فرق أردنية وبعروض مالية مغرية ، وكان وضعي المالي سيء جدا ، ولكني رفضت بسبب حبي لفريقي .

من أهم اسرار تألقي كحارس مرمى حبي الشديد لهذا المركز ، واحترامي لجميع لاعبي الخصم ، وقراءة القرآن قبل كل مباراة ،وعدم اهتزاز حالتي النفسية عند إحراز أيّ هدف في مرماي ، وطبعا مواظبتي على التدريب ، وتنفيذ توجيهات المدرب … وكنت أشكر الله واحمده بعد كل مباراة ، مهما كانت النتيجة  ،وكنت أقيّم نفسي بنفسي ، باستعراض شريط المباراة ، ومحاولة تحسس أخطائي قبل المباراة القادمة .

عندما أصبحت مشهورا ، زادت مسؤوليتي ، وكنت أحاسب نفسي كثيرا لأبقي صوره جميله في نظر الجميع ، ليس مشجعي فريقي فقط ، بل ومشجعي الفريق الآخر ، وهناك طقوس خاصة بي قبل وبعد كل مباراة .

الدوري اليوم ، ملاعب جميله جداً ، ونجوم تسطع ، ورواتب ممتازه ، وجمهور متعطش ولكنه يتناقص .

من بداية ظهوري ، وأنا أعشق لاعبي غزة ، وأعشق اسلوبهم في اللعب ، وكلّ لاعب منهم كان مشروع شهره ، وللدوري عندهم مذاق خاص  ، وتنافس قوي وشريف  ، وملعب اليرموك يشهد على ذلك .

دوري المحافظات الشمالية بكل المقاييس رائع وناجح ، ولكن للأسف يشكل عبئاً كبيراً جدا على الأندية من الناحية المالية ، لذلك لا تجد مستوى ثابت ، وهناك أندية سحقت رياضيا ، بسبب نقص المادة .

من افضل نجوم بيت جالا ، الذين لعبت معهم خريستو الأعرج ،  وسيمون جهشان ، وهنري خمشتا ، وفريد ونقولا زرينه ، وعمر موسى ، وحسين ظاهر، وكارلوس برهم ، وجورج ابو الريش ، وخضر الحرباوي .

من أفضل النجوم ، الذي مروا على الإسلامي عيسى كنعان ، وموسى كنعان ، وجميل النعيمي ، ومحمود مصطفى ،  ،ومحمود خضر ، وعيسى معالي ، ويوسف فرحان ، وجلال عساف ، وجمال الصغير

أفضل حارس فلسطيني بالنسبة لي عبد خليل ، وعماد عكه ، وماهر حميده ، ومعذرة لعدم متابعتي فلا أعرف الكثير عن الحراس الجدد .

مدربي المفضل علي عثمان ، وإسماعيل المصري ، وجورج قسيس .

أفضل مدرب عربي حسن شحاته ، وأفضل مدرب عالمي  زين الدين زيدان .

الحمد لله على حب الناس ، وما زالت رغم اعتزالي سنة ١٩٨٥ أتمتع بحب الناس ، وهذه افضل الإنجازات .

بالنسبة للإعلام الرياضي أقول : وهل يخفى القمر ؟… فعلا إنه رائع وجميل ومتعدد ، كتابة وصوت وصوره ، راجياً أن يكون لمصلحة الرياضة الفلسطينية بشكل عام ، وليس للفريق الواحد فقط .

من الطرائف التي حصلت معي  ، في مباراة بين شباب الخليل وبيت جالا على ملعب بيت جالا ، وكنت وقتها حارسا لبيت جالا ، وعندما حضر فريق شباب الخليل إلى الملعب ، وكان مدربهم المرحوم اسماعيل ابو رجب .. يومها أخبر أبو رجب مدرب بيت جالا جوزيف المصو أنه حضر للمباراة بدون الحارس عبد العظيم ابو رجب  ، الذي تأخر عن الحضور ، وطلب منه حارسا للمرمى ، حتى تبدأ المباراة وسط جمهور غفير كان متواجدا في الملعب ، فما كان من مدرب بيت جالا إلا أن طلب مني – وكنت الحارس الأساسي للفريق – اللعب مع الشباب ، فأديت مباراة من أجمل مباريات عمري .. ومن يومها  نلت رضى وتشجيع وحب الجمهور الخليلي ، ونال مدرب بيت جالا سخط واستياء جمهور بيت جالا !.

لو عاد بي الزمن لتلك الأيام الجميلة ، سأعيد تكرار الإخلاص للرياضة والرياضيين، والتواضع وحب المركز كحارس مرمى ، وحسن الانتماء له نفسيا وجسديا ، واحترام المنافس – مهما كان مستواه – وعدم الغرور ، وتحسس رأي الجمهور عامة بعد كل مباراة .

الحمد الله كثيرا ، فقد أعطيت الكره كل ما أملك ، فأعطتني الكثير الكثير من… حب الناس جميعا.

شاهد أيضاً

الأهلي x شباب رفح.. التعويض ومواصلة الانتصارات

غزة/ إبراهيم أبو شعر (صحيفة فلسطين) 7/10/2023- سيكون الأهلي وشباب رفح أمام مهمة صعبة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *